للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن عرف مسالك المناسبة على ما قدمناه، عرف أنه لا مطمع في المناسبة في هذه المسألة؛ ولكن اتبع العلامة كما اتبع العلة المناسبة. والعلل المناسبات - عند التحقيق - علامات: فإنها لا توجب الأحكام لذواتها.

فإن قيل: ليس هذا وزان مسئلتكم؛ فإنه تلقى التعليل من الإضافة والإيماء من جهة الشارع، لا من جهة الحدوث.

[قلنا]: ولسنا نورد هذا المثال دليلاً على أن الحدوث عقيب الوصف علامة التعليل؛ وإنما أوردناه دليلاً على من سلم أنه عرف بالحدوث عقيبه كونه علامة، بالدليل الذي سبق؛ [ولكن] قال: هو علامة في هذا المحل حتى لا يتعدى. ولا يستنكر هذا لعدم المناسبة في التخصيص، كما لم يستنكر لعدم المناسبة في الأصل، وفي هذا لا يختلف الأمر باختلاف طرق معرفة العلامة؛ فالنقصان عرف كونه علامة بالإيماء، وهو - بعد كونه علامة - لا يختص بالمحل، فكذلك الوصف: إذا عرف كونه علامة بالحدوث عقيبه، لا يختص بالمحل وإن لم يناسب.

على أن الشافعي كيف يتعلق في التعدية بالإضافة، والإضافة إلى نقصان الرطب، إذ قال: أينقص الرطب إذا جف، فنقصان العنب كيف صار علامة؟ فدل أن العنب كالرطب محل العلامة، والحكم يتبع العلامة؛ وكذلك القول في الشدة التي لا تناسب مثلاً، هي بالنسبة إلى عصير الرطب، كهي بالنسبة إلى عصير العنب، والموت بالنسبة إلى الشاة، كهو بالنسبة إلى البقرة وسائر الحيوانات.

<<  <   >  >>