وإن أبيتم ذلك: لم تجدوا فرقا وفصلا بين هذه الرتبة، وبين الطرد والعكس الذي قدمتوه. فإن ذلك [يرجع حاصله إلى إضافة الافتراق في الحكم، إلى وصف فارق بين حالتي ذات واحدة، وهذا] رجع حاصله إلى إضافة الافتراق في الحكم، إلى وصف فارق بين ذاتين متعددتين، ولا فرق بين المقامين. وكيف يعتقد بينهما فرق مع تقاربهما؟ وأي فرق بين أن نعلم أن الكلب محرم بيعه مثلا، فيقول قائل: بيع سائر الحيوانات دون الكلب جائز، فكان السبب كونه كلبا: فإنه الفارق. وكان هذا كما لو تصور أن يصير حيوان- ليس كلبا- بالانقلاب كلبا، لكنا نقول: قبل الانقلاب يباع، وبعده لا يباع، ولم يحدث إلا وصف الكلبية، كما لم يحدث- في انقلاب العصير- إلا وصف الخمرية والشدة. فلا مدرك للفرق بين المقامين وفيه فتح باب الطرد والانسلال عن ضبط المعنى المناسب المؤثر، وذلك لا وجه له؟
[قلنا]: هذا إلزام للقول بالشبه، وهو: الوصف الذي لا يناسب، ويظن كونه علامة متضمنة للعلة التي غابت عنا، فيحكم بالاشتراك في الحكم، عند الاشتراك فيه.