صوم رمضان صوم مفروض، فافتقر إلى التبييت كالقضاء. وهم يقولون: إنه صوم عين، فلا يفتقر إلى التبييت كالتطوع.
وقولهم: صوم عين فلا يفتقر إلى التعيين، من قبيل المؤثر: لو سلم على السبر. أما استعمال في مسألة التبييت، فهو من قبيل الطرد، وأي مناسبة بين كونه فرضاً وبين كونه مفتقراً إلى التبييت؟ والفرض والنقل استويا في النية؟ [وأي مناسبة بين كونه عينا، وبين الاستغناء عن التبييت: إذا لم يعر عن أصل النية].
أما إمامي -رضي الله عنه- فكان يقول بهذا القياس في مسألة التبييت، ويقول: إنه تشبيه، وليس بطرد.
وأما المراوزة، فإنهم لما أنبث فيهم كلام أبي زيد: من طلب التأثير، ولم يحيطوا بأغوار ذلك الكلام، وما فيه: من وجوه الالتباس- لم يجوزوا الاستشهاد بالأصول. ولقد ناظرت جمعا من أفاضلهم، فكانوا يلقبون كل من يستشهد بأصل في كلامه: بأنه أحكامي لا يعرف الفقه. وأي ضلال- في عالم الله سبحانه وتعالى- يزيد على هذا؟ فمعظم أحكام الشرع يثبت بالقياس، وإنما انتظم القياس: باستنباط المعاني والعلامات من موارد النصوص، فكيف يستجيز التصرف في الشرع، من يحسم باب الالتفات إلى الشواهد والاستمداد من النصوص، ويزعم: أن المعاني المعقولة المؤثرة هي التي تقبل دون الأحكام؟ ولذلك انفتح عليهم باب من الهذيان ضلوا فيه، وأخذوا يثبتون أحكام الشرع على حكم ضعيفة خيالية: يستترِكُها