بها النفوس المنخدعة بالتزويقات، وهجروا كلام الأئمة، وطمسوا مسالكهم، وزعموا: أن القياس ينحصر في المؤثر؛ ومنهم: من زاد المخيل؛ ومنهم: من زاد الشبه، ومنهم: من زاد الدلالة، والتبس مضمون هذه العبارات على جماهير فضلاء الدهر؛ فقاموا وقعدوا، وصوتوا وصعدوا؛ ولم يتحصلوا -في ضبط المراتب -على طائل.
وغرضنا الآن أن نبين نقلا من علماء الشرع -كمالك وأبي حنيفة والشافعي -رحمهم الله -القول [٥٢ - ب] بالوصف الذي لا يناسب، وتسميتهم ذلك: علة، ولذلك استتب تعليل النقدين بالنقدية القاصرة؛ والشبه لا يقوم إلا بفرع وأصل. فلم يكن لهم مسلك إلا طلبهم فارقا بين النقدين وغيرهما: مما لا يجري فيه الربا. فكانت النقدية علامة سابقة إلى الفهم، سلمت عن المعارضة بما هو أولى منها، وهو مأخذ هذا الجنس من التعليل.
فأن قال قائل: لم تزيدوا -فيما ذكرتموه -على أمثلة ضربتموها، ومذاهب نقلتموها من الأئمة، والمذاهب لا تنتهض حجة، فما الحجة على القول بالوصف: الذي لا يناسب ولا يدل عليه إيماء ولا نص ولا تأثير [ولا مناسبة]؟
قلنا: إنما استقصينا القول في نقل المذاهب، لنفرة بني الزمان [عن ذلك] وتشوفهم إلى المؤثر والمخيل، وإلى الإيماء والنص؛