الوصف عندهم، ولم يتميز بعلامة يترفع معها النزاع، وإذا رد الأمر إلى ما يغلب [على الظن] أو ما يوهم؛ اختلف ذلك بالطباع والقرائح: على ما نشاهد ذلك من الفقهاء في المناظرات، وهي الخصومة الناشبة التي لا سبيل إلى قطعها.
فيقول القائل: طهارة حكمية، فتفتقر إلى النية كالتيمم؛ أو: عبادة يبطلها الحدث، فتفتقر إلى الموالاة كالصلاة؛ أو: عبادة مختلفة الأركان يستحب الترتيب في متماثلاتها، فيستحق في مختلفاتها قياسًا للوضوء على الصلاة.
ويقول في افتراض الفاتحة في الصلاة: عبادة ذات تحليل وتحريم، فيشترط في أركانها ما يتعدد سبعاً كالحجج.
فهذا وأمثاله يعرض على الجمع من الفقهاء، فلا يتفق رأي اثنين منهم في أن هذه [هل] تغلب على الظن، أو هل توهم الاجتماع؟ بل يقول فريق: الكل طرد، ويقول آخرون: الكل شبه، وتقول طائفة: ما ذكره في نية الطهارة تشبيه، لكثرة تكررها على اللسان، فهو مغلب؛ وما ذكره -من القياس على الحجج -فطرد، وما ذكره -من الترتيب والموالاة في الطهارة -فمعتدل؛ وهو محتمل لأن يقال: أنه طرد ولأن يقال: أن شبه، وكل ذلك لعدولهم عن المنهاج السديد