[واستعمال الفكر]، واستثمار العقل بتحديق بصيرته إلى صواب الغوامض: بطول التأمل، وإمعان النظر، والمواظبة على المراجعة، والمثابرة على المطالعة، والاستعانة بالخلوة وفراغ البال، والاعتزال عن مزدحم الأشغال.
فأما من سولت له نفسه درك البغية بمجرد المشامة والمطالعة: معتلاً بالنظر الأول والخاطر السابق، والفكرة الأولى، مع تقسيم الخواطر، واضطراب الفكر، والتساهل في البحث والتنقير، والانفكاك عن الجد والتشمير -فاحكم عليه بأنه مغرور مغبون، وأخلق به أن يكون من ((الذين لا يعلمون الكتاب إلى أماني وإن هم إلا يظنون)).
فصاحب هذه الحالة سيحكم -لا محالة -على لفظ الكتاب بالإخلال: متى استغلق عليه، وعلى معناه بالاختلال: متى لم يبث أسراره إليه.