للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التغليب. فأما بعد وضوحه، فلا غموض في وجوب إتباعه.

فإن قيل: إنما أثبت الشرع الحكم عند اتحاد مزاج المناط والعلامة؛ فإذا تركب كان المركب واقعة أخرى غير المفرد؛ فلم تكن إضافة الحكم إلى المناط فيه واجبا، فمن يدعي وجوب طلب العلامة، فعليه الدليل. وعند ذلك يلتحق القول بالشبه الذي قدمتموه؛ إذ تطرق النزاع إلى المقدمة الأولى، كما سبق.

قلنا: ليس الأمر كذلك، فإن وجوب طلب المناط ها هنا ظاهر، لأن الحكم متناقض، والتخلية عنهما غير ممكن، والجمع غير ممكن، والتخصيص لا يعقل إلا بالترجيح؛ فكانت هذه الضرورة ظاهرة في وجوب طلب الترجيح. لا كواقعة الربا: إذ لا ضرورة في طلب علامة بعد معرفة الحكم باسمه؛ ولم يتركب الجص من أصلين: عرف [٦٠ - أ] ارتباط الحكم بأحدهما على القطع في الشرع؛ حتى يتعين تغليبه. فكان هذا من فن لا ينازع فيه المنكرون للشبه، ولا تسعهم المنازعة فيه.

والدليل على أن الاحتمال الأغلب يجب إتباعه في هذا الجنس، ما روى عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه قال لفاطمة بنت أبي حبيش وقد استحيضت: «إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي

<<  <   >  >>