للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفعل يسمى في العادة: علة للفعل، فيعطي الإنسان غيره مالا، فيقال: لم أعطيته؟ فيقول: لأنه فقير؛ فيقال: فقره علة إعطائه، على معنى: أنه داعية وباعثه. وجنس هذه العلل يحتمل الخصوص؛ إذ لو سأله فقير آخر فلم يعطه، فقيل له: لم لا تعطيه وهو فقير؟ فينتظم أن يقول: لأنه عدوي؛ ولا يعد ذلك مناقضا للكلام الأول في العادة، ولو سأله ثالث فلم يعطه، فروجع في ذلك وقيل له: أنه فقير، فلم لا تعطيه؟ فيقول: لأنه معتزلي -فهذه الكلمات [٦٨ - أ] لا تعد مناقضة في العادة.

نعم: الذي غلب على كلامه جدال المتكلمين، قد يقول له: ناقضت كلامك؛ لأنك عللت عطيتك الأولى بالفقر، فكان من حقك [أن نقول] أعطيته لأنه فقير، وليس عدوي [ولا] معتزليا، فإن الباعث لو كان هو الفقر بمجرده، فقد وجد في العدو وفي المعتزلي. فالباعث مركب من وجود الفقر ونفي العداوة والاعتزال. فهذا يعد -في العادة -من عجرفة الطبع، واعوجاج الكلام. إذ قد تنبعث داعية العطية والصدقة من العلم بالفقر؛ وليس يخطر بالبال العداوة ولا الاعتزال. وكذلك كل ما يتصور أن يقدر من الصوارف وباعث الفعل، لا يتصور أن [لا]

<<  <   >  >>