أوجب السعي، والتعريج على البيع مانع؛ فكان تحريمه لكونه مانعاً. فلا جرم انعقد [البيع] وفارق البيع المنهي عنه لعينه.
فإن قيل: وبم عرف هذا، وهلا قيل: السعي إلى الجمعة مقصود بالإيجاب، والمنع من البيع أيضاً مقصود؟
قلنا: فهم ذلك [من] سياق الآية فهما لا يتمارى فيه.
فإن قيل: «السياق عبارة مجملة، فما معنى السياق؟ وما مستند هذا الفهم؟
قلنا: المعنى به: أن هذه الآية في سورة الجمعة إنما نزلت وسيقت لمقصد: وهو بيان الجمعة، قال الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم} الآية، وما نزلت الآية لبيان أحكام البياعات ما يحل منها وما يحرم. فالتعرض للبيع -لأمر يرجع إلى البيع في سياق هذا الكلام -يخبط الكلام ويخرجه عن المقصود، ويصرفه إلى ما ليس مقصوداً به. [وإنما يحسن التعرض للبيع إذا كان متعلقاً بالمقصود]، وليس يتعلق به إلا من حيث كونه مانعاً للسعي الواجب؛ وغالب الأمر في العادات جريان التكاسل والتساهل في السعي بسبب البيع، فإن وقت الجمعة يوافي الخلق وهم منغمسون في المعاملات.