أما إذا كانت العلة مخيلة، وكان لا ينقدح في مسئلة النقض عذر وجه من الوجوه -ولنقدر مثاله: التطوع في مسئلة التبييت؛ إذ المعنى المخيل: أن العبادة تفتقر إلى النية، والنية لا تنعطف على ما مضى، وأول العبادة لا يستغنى عن النية؛ فهذا كلام مناسب مخيل، وهو منقوض بالتطوع، ولنقدر أنه ليس ينقدح في التطوع عذر مخيل على مذاق العلة، وهو كذلك -فالظن الذي ذكرناه هل ينقطع بورود التطوع.؟ هذا محل [النظر: إذ يحتمل] أن يجعل التطوع معرفا لفساد العلة، ويحتمل أن يجعل استثناء بخصوص صفة مع بقاء العلة التي ذكرناها معتبرة. وقد تردد الأصوليون في هذا؛ وأنا أفصل القول في جنسه، فأقول:
إن كان المناسب -الذي ذكره المعلل -على رتبة لا يستقل بنفسه مرسلا، ويفتقر إلى أصل يشهد له -كما قدمنا فيه التفصيل -: انقطع الظن بالنقض: لأنه لا طريق [إلى معرفة] كونه علة إلا شهادة الحكم له بوروده على وفقه. كما ذكرنا طريق التعليل بالمناسبات.
وإذا كان يعتقد صحته بورود الشرع على وفقه؛ فمسئلة النقض على خلافه -تشهد بأنه ليس ملحوظا. فمن أعطى فقيرا ولم يذكر سببه، ظننا أنه أعطاه: لكونه فقيرا. إذ الفقر مناسب يصلح أن