وهذا [ما] يليق بمذهب الأستاذ أبي إسحاق -رضي الله عنه- في مصيره إلى استحالة التخصيص، فإنه ليس يعتقد للعلة مأخذا إلا على هذا الوجه. وهو اللازم على جميع الفرق في الأسباب [٧١ - ب] التي عرف من نصوص الشرع انتصابها موجبات للأحكام. فإنا وإن قلنا: إنها ليست موجبات لذواتها، فنعني به: أنها لولا ورود الشرع لما أوجبت. والآن فقد ورد الشرع بنصبها موجبة. ونصب الشيء موجبا: حكم من الشرع معقول، وإذا صار موجبا، وأضيف إليه الموجب -انقطع إضافته عن غيره.
فإن قيل: فالقول بالأسباب الموجبة ضروري في الشرع؛ ونحن نرى جملة من الأسباب تترادف ويتحد موجبها.
قلنا: اتحاد الموجب، مع تعدد الموجب، لا يعقل. فإذا أشكل شيء من هذا الجنس: فإما أن يكون الحكم متعددا متغايرا، ويتخايل إلى الناظر الاتحاد؛ وأما أن يكون السبب متحدا في جنسه، ويتخايل للناظر التعدد؛ وأما أن تسقط إحدى العلتين وتخرج عن كونها