أما الحيض والعدة والإحرام، فكل واحد موجب تحريما على حياله، فهذه تحريمات متعددة وليست متماثلة، بل هي متغايرة: فلا تناقض فيما ذكرناه. ودليل تغايرها: أن القول بتحريم الوطء في الحيض -تجوز؛ إنما المحرم: مخامرة [الأذى؛ وفي الوطء مخامرة الأذى]. والمحرم: إفساد العبادة؛ والوطء يفسد العبادة. والمحرم: خلط الأنساب؛ والوطء يتضمن خلط الأنساب في العدة. فمن جامع -بعد اجتماع هذه الأسباب -فقد جنى على العبادة بالإفساد، وجنى على الأنساب بالخلط، [وخامر الأذى]. فيتضمن فعل واحد هذه الوجوه المتعددة المتباعدة. فإذا زال الحيض: زال تحريم مخامرة الأذى؛ وإذا زال الحج: زال تحريم الجناية على العبادة. وكذلك على هذا الترتيب.
والدليل القاطع عليه: أنا لو قدرنا لكل واحد من هذه الجنايات مرتبة في العقوبة في [الدار] الآخرة -لكان الوطء في هذه الحالة تستحق به جميع العقوبات؛ والعقوبات مترتبة بترتيب المعاصي، كما يترتب الثواب بترتيب الطاعات. والثواب الموظف على طاعة لا ينال إلا بمثلها. وكذلك العقاب. وحد المثلين: ما يسد أحدهما مسد الآخر في كل قضية. وهذه