قلنا: قد يقول الخبير بصناعة الكلام: إن إيجاب العلة المعلول إنما يتلقى من العقل في المعقولات، ومن الشرع في المشروعات. وحصول الموت عقيب الجرح ليس شرعيا، والعقل قاض بأن مزهق الأرواح هو الله تعالى، وأن الجرح ليس بعلة أصلا. وهذا له مسلك واضح في صناعة الكلام. ولكنا -في مساق كلامنا هذا -نستنهج منهج الفقهاء، ونتبع فيه الاعتياد. فنقدر الجرح علة الموت، ونخرجه على المنهاج الذي ذكرناه في الأحداث ونظائرها على ما تقدم.
هذه قضايا عقلية أثرتها وحركتها، ولم أجد أحدا من النظار تعرض لها؛ فلابد من الإحاطة بها في معرفة قضايا [العلل الثابتة على مثال] العلل العقلية.
فأما العلامات، فلا تؤثر في الإيجاب حتى تضاف الأحكام إليها، فالعلل الثابتة على مذاق العلامات: لا تجرى فيها هذه القضايا. إلا أن تقدر العلامة علة في حق حصول العلم بالحكم. فعند ذلك قد تجري هذه القضايا والبواعث والدواعي التي يعبر عنها بالمناسبات في هذه القضايا؛ وربما تلتحق بقبيل العلامات: إذا لم يظهر أثرها في الإيجاب.