لانعدام الجنسية مفهوم من قوله -صلى الله عليه وسلم -: "فإذا اختلف الجنسان" وأظهر مما ذكرناه. كيف ولو قيل: لو باع صاعا من حنطة بصاعين من حنطة فهو محرم، وبصاعين من شعير جائز. ولا فارق إلا الجنسية، فهو أظهر مما تقدم؟.
وربما يقول القائل: لا معنى لتسمية أحدهما علة والآخر محلا؛ فإن ذلك لم ينقل من كلام الشافعي -رضي الله عنه -وإنما المنقول من كلام أصحابنا: أن الطعم في الجنس [الواحد] هو: العلة. [كما يقول أبو حنيفة: الكيل في الجنس هو: العلة]. فمن هذه اللفظة تخيل كون الجنسية محلا، إذ جعل كالظرف للطعم.
وعلى هذا يقال: مسألة تحريم النساء بالجنس المجرد غير مبني على هذه القاعدة، بل نسلم أنها وصف، ولكن لا يستقل بتحريم النساء؛ بخلاف الوصف الآخر، لأن تحريمه بمجرد وصف الطعم مأخوذ من قوله:"فإذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم يدا بيد". فعلم أن الباقي بعد زوال الجنسية علة في تحريم النساء، وأن زوال الجنسية لا يعدم ربا النساء. وهذا بأن يدل على سقوط أثر الجنسية، أولى من أن يدل على كونها علة مستقلة.