فإن سلم ذلك، وقال: هذا مجوز ولكنه غير واقع؛ لأنه لا تلفى الأسباب علة مستقيمة تتعدى.
فنقول: الآن ارتفع النزاع الأصولي، فلا ذاهب إلى تجويز القياس: حيث لا تعقل العلة، ولا يستقيم على السبر المعنى المفهوم. ونحن الآن نبين تصور ذلك بالأمثلة، ونستنطق الخصم بالاعتراف به، ونذكر طريق القياس في تعليل الأسباب من وجهين:
أحدهما: أن قياس اللائط على الزاني، وقياس النباش على السارق، إلى أمثال ذلك -مع الاعتراف بزوال اسم الزنا- كقياسهم الأكل على الجماع في الكفارة في نهار رمضان، من غير فرق. وقد قالوا بأجمعهم: إفطار كامل بمقصود في نفسه، فيوجب الكفارة؛ قياسًا على الجماع. فنحن نقول: إيلاج فرج في فرج محرم قطعًا مشتهى طبعًا، فيوجب الحد كالزنا. وأخذ مال محترم من حرز مثله ولا شبهة له فيه، فيلزمه القطع كالسارق. فما الفرق بين المسئلتين؟ ولسنا ندعي أن الاعتراض لا يتوجه على هذه الأقيسة؛ ولكن: كل قياس مستهدف لاعتراض المعترضين. وإنما الغرض إثبات أصل القياس.