فإن قال قائل: البراءة الأصلية والنفي الأصلي هل هو حكم من الشرع؟ فإن كان من الأحكام الشرعية: فالأحكام [الشرعية] حادثة بحدوث الشرع، فافتقر إلى محدث. وإن لم يكن من أحكام الشرع:[فهذا من المحال. لأن قولنا: لا تجب الكفارة بالأكل، حكم من أحكام الشرع]، كقولنا: تجب الكفارة بالجماع؛ وأحكام الشرع تنقسم إلى النفي والإثبات.
قلنا: النفي الأصلي ليس من حكم الشرع، على معنى: أنه لم يحدث بورود [الشرع فإنه] ليس بحادث. فكيف بحال حدوثه على الشرع، ولا حدوث له؟
نعم، قد يقال: إنه من الشرع على تأويل معرفته بدلالة الشرع عليه؛ وإذا ورد دليل عليه: رجع حاصله إلى دلالته على كف الشرع عن التغير [عما كان عليه قبل الشرع، لا على إثبات حكم له. ولكن كف الشرع عن التغيير] يعرف من الشرع، كما أن أقدامه على التغير يعرف منه أيضًا.
فإن قيل: التبقية على النفي الأصلي، فعل من الشرع حادث.