يجوز القياس [عليه]-وهذا كلام مجمل: ذكره [بعض] الأصوليين، وحكى ذلك عن عثمان البتي -رضي الله عنه-[وأنه لا يقاس على الأصل ما لم تقم دلالة على جواز القياس عليه. إذ من الأصول ما لا يعلل]. وحكى -أيضًا- عن بشر المريسي، أنه [قال]: لا يجوز القياس على أصل ما لم ينص الشارع على علته، أو لم يجمعوا على تعليله.
وهذه مذاهب مجملة؛ والتفصيل الشافي للغليل -عندنا- أن يقال:
العلة المستنبطة إن كانت مناسبة ومؤثرة، فمناسبتها دليل على ترتيب الحكم عليها، وإتباعها أينما وجدت. وهو كاف في الدلالة على جواز القياس عقلاً وشرعًا.
أما العقل: فهو أن المناسبات ترجع إلى المصالح وأماراتها؛ وكما يشير العقل إلى اتباع المصلحة اجتناب المضرة: يشير -أيضًا- إلى اجتناب أمارة المضرة. ونعني بما ذكرناه: إشارة العقل من حيث العادات، لا من حيث الذات. وما دل من جهة الشرع [على إثبات أصل القياس، والاكتفاء بالظن -فهو دال على ذلك.