فهذا نوع تخصيص بعلة مستنبطة من المخصوص. وليس أمثاله ممنوعاً: إذ الممنوع التغيير، والتغيير يقع بعد استقرار العموم، وتناول اللفظ للكلب، بمجرد الصيغة، ليس مستقراً معلوماً [حتى] لا يغير إذ العام يطلق ويراد به الخاص، وهو غالب في عادة العرب؛ فكان استقراره في التناول له موقوفاً على أن لا يتبين مدرك آخر لتقرير اللفظ وتنزيله؛ وإذا ظهر المعنى بالتأمل: فخروج بعض ما تناولته الصيغة بعمومها -وهو بعيد عن الفكر -لا يمنع صحة هذا الاستنباط مع ظهوره. فيقال: المعنى مفهوم، والمخرج نادر خارج عن الفكر والذكر، واتباع المعنى أولى من الجمود على محض الصيغة؛ وخروج الكلب عن ذهن المتكلم والمستمع -عند التعرض للدباغ -ليس بعيداً، بل هو الغالب الواقع، ونقيضه هو الغريب المستبعد.
فتجاسرنا على هذا التخصيص -وإن لم يكن المعنى سابقاً إلى الفهم، جارياً مجرى القرائن المفسرة من حيث إنه تبعد إرادة الكلب، ولم يبق لدخوله مستند سوى مجرد الصيغة مع إمكان إرادة العموم.