فأراد أبو حنيفة رحمه الله إخراج كلب الصيد والماشية من عموم النهي، وقصر النهي على الكلب الذي لا منفعة فيه: مما يقتني إعجاباً بصورته، واستئناسا بمخالطته، وكذلك سائر الكلاب السلوقية التي لا منفعة فيها. ويستند في هذا التخصيص إلى القياس على سائر السباع والأموال؛ والجامع: أن الكلب مال منتفع به، فجاز بيعه كسائر الأموال، ومعناه: أن المال عبارة عن كل ما يتعلق به غرض الآدمي مما سوى الآدميين [الأحرار]. فبهذا الوصف يصير مالاً، وبه يصير قابلاً للبيع، هذا المعنى جار في الكلب.
فهذا قسم من التخصيص: يدور بين الرتبتين السابقتين؛ فلا يشترط فيه أن يكون المخرج نادراً؛ فإن كلب الصيد والماشية لا يقع نادراً في الذكر عند التعرض لبيع الكلب؛ بخلاف المعنى المستنبط بالنظر من نفس النص: فإنه لا يجرى -في غلب الأمر -إلا على إخراج ما يقع نادراً بالإضافة إلى المذكور؛ ولا يحتمل فيه أن يكون المستبقى تحت اللفظ نادراً: بحيث يفتقر في إرادته لعموم اللفظ، إلى قرينة قوية ظاهرة، ليخرج بها عند حد الإجمال بخلاف التخصيص بالنص المعارض