للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وبنات واكثروا هناك ولا تقلوا، واطلبوا سلام المدينة التي سبيتكم إليها وصلوا لأجلها إلى الرب لأنه بسلامها يكون لكم سلام" (١).

هذه هي الفلسفة السمحة التي بنيت عليها أسس المعتقدات اليهودية ولم يوجد الأنبياء العبرانيون: عاموس وإرميا وميخا وإشعياء وإيليا أهتمامهم أبداً لاستعادة السلطة الزمنية، وإنما حصروا هذا الإهتمام في دفع الظلم عن بني قومهم وحثهم على عبادة الله إله الرحمة، والتمسك بأهداب الحق والفضيلة. وقد كتب النبي إشعياء، عام ٥٣٦ ق. م.

مؤيداً أقوال النبي إرميا ومتنبئاً بظهور المسيح المنتنظر. وعبارته المشهورة: "في العام المقبل سنكون في أورشليم" لم يقصد بها قوماً معينين بل عنى بها إحياء مملكة الله التي ستكون نوأة لمجتمع فاضل يسكنه رجال أفاضل ومثاليون. وقد وصف هذا النبي في التوراة رسالة اليهودية بقوله: "إن جبل بيت الرب يكون ثابتا .. وتجري إليه كل الأمم. وتسير شعوب كثيرة ويقولون هلم نصعد إلى جبل الرب إلى بيت إله يعقوب فعلينا من طرقه ونسلك في سبله لأنه من صهيون تخرج الشريعة ومن أورشليم كلمة الرب" (٢).

وتأريخ الشعب الذي جاء بعد بني يهوذا والذي عرف فيما بعد باليهود ليس سوى استمرار للصراع بين العقيدة البحتة وبين الفكرة الرامية إلى إنشاء دولة وشعب مختار.

وعندما هزم كورش الفارسي بنو شيدس آخر ملوك بابل، سمح لسبايا اليهود عام ٥٣٨ ق. م. بالعودة إلى ديارهم وإعادة بناء معابدهم في أورشليم


(١) سفر إرميا ٢٩: ٥ - ٧.
(٢) سفر إشعياء ٢: ٢ - ٣.

<<  <   >  >>