للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الوقت الذي كانوا يتفاوضون فيه مع الصهيونيين، وانتهى الأمر بوضع حلفين متناقضين: أحدهما لأصحاب الحق سكان البلاد وهم العرب وثانيهما للغدر بالعرب وإقطاع اليهود أرض فلسطين.

وتعمدوا أن يكون نص وعد بلفور مبهما مائعا لا يدل على شيء واضح مع الإتفاق سرا على أن تكون فلسطين تحت حماية إنجلترا، ومع الوعد الخطير بمنع إقامة حياة نيابية، وبضمان هجرة اليهود إلى فلسطين، حتى يصبحوا كثرة يمكن معها إقامة دولة يهودية.

وبهذا سقطت مبادئ ولسن، كما سقط مبدأ عصبة الأمم الذي أعلن للناس "حق تقرير المصير" وأن "خير الشعوب وتقدمها أمانة مقدسة في عنق المدنية" ثم وضعت فلسطين تحت الإنتداب البريطاني.

ويؤيد لويد جورج في وجهة نظره البرفسور أرنولد توينبي المؤرخ البريطاني المشهور وأستاذ الدراسات الدولية في جامعة لندن، ومدير المعهد الملكي البريطاني للأبحاث الدولية، فقد علل صدور وعد بلفور في الجزء الثامن من كتابه "دراسة في التأريخ" A Study of History بقوله: "عامل سياسي آخر أظهرته الحرب العالمية الأولى في الميدان، هو التنافس بين المتحاربين على كسب ود اليهودية العالمية، فإن كسب التأيد اليهودي - بل وأكثر من ذلك تجنب العداوة اليهودية كان أمراً على جانب عظيم من الأهمية للفريقين. ومع أن تحرر اليهود النفسي في منفاهم في الغرب لم يكن قد تم بعد، فإن تحررهم الإقتصادي والسياسي في ذلك الوقت كان قد قطع شوطا بعيدا في تقدير أصوات اليهود ومنحها وزنًا هاما، بل وربما حاسما في ميزان القوة الدولي المضطرب. لقد أصبح اليهود الآن قوة يحسب حسابها في الحياة السياسية القومية لدى دول وسط أوربا وغربها على السواء. وفي

<<  <   >  >>