للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المرسلين إليها، مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا، هوذا بيتكم يترك لكم خرابا" (١). وكانت كلماته الأخيرة هذه خاتمة لسلسة من الويلات أنصبت على الكتبه والفريسيين منها ما قاله: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون لأنكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم أثقل الناموس: الحق والرحمة والإيمان. كان ينبغي أن تعملوا هذه ولا تتركوا تلك " (٢).

ولم تتحقق نبوءة خراب الهيكل بعد ذلك بخمسين عاما فحسب ولكن القدس كلها دمرها الإمبراطور هادريان سنة ١٣٥ م، إخماداً لثورة باركوبيه، وطرد منها اليهود جميعا، وبنيت مكانها مدينة رومانية جديده وحرام على جميع اليهود يدخلو إليها، وقد دامت الإمبراطورية الرومانية أكثر من ستمائة عام.

الظاهر والباطن:

كان الوضع الذي نتج في فلسطين مثقلا بالمتناقضات الجغرافية والتأريخية والسيكولوجية. فرقعة الأرض الواقعة غرب نهر الأردن "لبنان" هي أرض "إبراهيم" الجبلية وهي الرقعة التأريخية التي ثبت إسرائيل أقدامه فيها ثم توارثها السامريون فيما بعد.

أما الرقعة الرئيسية التي تقوم عليها دولة إسرائيل الصهيونية الحالية في أرض الفلسطينيين والكنعانيين، ولم يسبق أن أستعمر هذه الأرض أي من شعب إسرائيل أو يهوذا على الإطلاق، كما أنها لم تتحد لا مع إبراهيم ولا مع مملكة يهوذا طوال الثلاثة عشر قرنا التي ظل الفلسطينيون


(١) إنجيل متى ٢٣: ٣٧ - ٣٨.
(٢) سفر متى ٢٣: ٢٣.

<<  <   >  >>