للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والإسرائيلون، يعيشون فيها جنبا إلى جنب، إلا في فترات قصيرة متقطعة كانت ضمن الفترات التي ساد فيها حكم الفلسطينيين على إسرائيل أو حكم اليهود على أرض فلسطين.

وفي سنة ١٩٤٩ م كما في سنة ١٣٥ م وسنة ٧٠ م وسنة ٥٨٦ ق. م. وسنة ٧٢١ ق. م. وسنة ٧٣٢ ق. م. كان المجتمع الفلسطيني المنتزعة جذوره من أرضه الوطنية بفعل عاصفة عسكرية أو سياسية يواجه تحديا يبعثره في الخارج بين الأمم الأخرى لكي يظهر فيما إذا كان ذلك المجتمع قادرا على المحافظة على شخصيته في حالة التشريد كما فعلت مملكة يهوذا أو أنه سيضمحل ويذوب كما فعلت مملكة إسرائيل، إلا أن مشردي القرن العشرين الفلسطينين هؤلاء كانوا غير يهود، بينما كان الغزاة الذين اقتلعوهم من أرضهم هذه المرة من اليهود، وكانت هذه المتناقضات الجغرافية والتأريخية نتيجة لتناقض سيكولوجي عجز اليهود عن الصمود له.

فحين يهجر اليهودي الليبرالي حياة التشرد بشكل إفرادي ثم يضع نفسه بين صفوف البرجوازية الغربية الحديثة فإنه يصهر نفسه من قائمة اجتماعية مسيحية قد عفى عليها الزمن.

أما حين يهجر المشتتون اليهود ذلك بشكل جماعي، ومن أجل أن يبنوا أمة جديدة تتجمع على أرض واحدة مقلدة في ذلك آثار الرواد البروتستانت المسيحيين الذين خلقوا الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندة - فإن الصهيونيين يصهرون أنفسهم وينقلبون إلى طبقة مسيحية لا مثيل لها في حياة اليهود بعد النفي. كان الهدف الجريء الذي يسعى إليه الصهيونيون هو أن يقلبوا، ومن عندياتهم الخاصة، جميع الخصائص اليهودية المتميزة، وذات الأصول العميقة في الحياة التقليدية ليهود التشريد، ومن أجل ذلك شرعوا يعيدون أنفسهم إلى عمال يدويين بدلا من طبقة مثقفين وأخذوا يسكنون الأرياف والقرى بدلا من كونهم

<<  <   >  >>