للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالإستعلام وجمع الأخبار ولما بينهم من الصلات الوثيقة والروابط المتينة على ما يفصلهم من المسافات (١).

والأمر الذي تجدر ملاحظته هنا هو أن الطائفتين تعملان في خارج الحيز الوطني، فإن مراميهما دولية لا قومية، فمن جهة، يجاهر أرباب الإشتراكية والشيوعية بأن غرضهم إزالة الفوارق بين الأمم، واتحاد العمال من كل الدول لمناهضة أصحاب الثروة والسلطة. فهم بذلك يعملون على إضعاف الرابطة الوطنية والجامعة القومية. ومن الجهة الأخرى. يقوم أرباب الصيرفة والمال بأعمالهم في جهات مختلفة ومصالحهم مشتتة في بلدان متعددة وهم قلما "يشتركون في حياة الأمة الإحساسية إذ تهمهم حياتها الإقتصادية فقط. وقد قيل إن اليهودي، حتى في حالة انضمامه إلى وطن من الأوطان يختلف نظره إلى ذلك الوطن عن نظر بنيه الأصليين، فإن وطنه اقتصادي ووطنيته كذلك اقتصادية، بخلاف وطن هؤلاء ووطنيتهم المستقرة في أعماق نفوسهم.

من ذلك كانت أغراض الطائفتين مضادة لتيار "القوميات" الذي اشتد بعد الحرب، ولذلك كانت الحركات القومية تعمل على تنقية الأمم من العناصر الغريبة التي لم تندمج فيها.

وهذا شأن اليهود في كثير من الجهات فإنهم يعدون من عوامل الإنحلال القومي، ومن ثم ما يوجه إليهم من العداوة والمناوأة. وإن ما امتاز به اليهود من هذين الأمرين: الثورة والإثراء كان بفعل


(١) كان لليهود منذ قديم الزمن عناية عظيمة بالإستعلام وقد أنشأوا مصالح خصيصاً لهذا الغرض. وقد قيل إن سر الإثراء المالى السبق إلى المعلومات الصحيحة. ومن يراجع تأريخ الثروات التي جمعتها بعض الأسر اليهودية المشهورة - كاسرة روتشيلد مثلا - يرى أن منشأها كان الحصول على معلومات سياسية أو حربية ذات شأن والإستفادة منها قبل انتشارها بين الجمهور.

<<  <   >  >>