للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أشد المدارس إخلاصا للتلمود، ونستمع إلى آراء وكتابات وتفسيرات الأحبار عقيبا "ومائير"، ويهوذا هنسيا، ورب، في أثناء جدلهم العنيف.

إذا ذكرنا هذا استطعنا أن نجد هذه الأقوال من جدل وسفسطة وأقاصيص غير مصدقة وتنجيم وأحاديث عن الجن وعن الشياطين، وخرافات ومعجزات وأسرار الأعداد، وأحلام وحي، ونقاش لا آخر له، تنسج نسيجا مهلهلا من الخيالات والأوهام والغرور الذي يعزيهم، ويأسو جراحهم ويخفف من لوعتهم على آمالهم الضائعة. ولا أدل على ذلك من أسفار الأبو كريفا التي تضمنها الكتاب المقدس منها قصة يهوديت وتأريخ المكابيين والأسفار المزيدة من سفر دانيال وهي قصة البعل والتنين.

وإذا ما اشمأزت نفوسنا من قسوة هذه القوانين ومن حساسية هذه النظم وتدخلها فيما لايصح أن تتدخل فيه، وما يجازى به من يخرقها أو يتهاون بها من شدة وبطش، فإن من واجبنا ألا نحمل هذه المسألة محمل الجد. ذلك أن اليهود لم يدعوا قط لأن يطيعوا هذه الوصايا كلها بل أن يسيروا في سلوكهم الشخصي بمقتضاها. على أن أحبارهم كانوا يغضون أبصارهم عما يجدونه في كل صفحتين من كتاباتهم من ثغرات بين نصائحهم التي تدعو إلى الكمال.

وبين مافي الطبيعة البشرية من ضعف خفي. وفي ذلك يقول أحد الأحبار الحذرين: "لو أن إسرائيل قد حرصت الحرص الواجب على تعشير شبت واحد لجاء ابن داود من فوره" ولم يكن التلمود كتاب قوانين يطلب إلى اليهود إطاعتها جملة وتفصيلا. بل كان سجلا لآراء الأحبار. جمعه جامعوه ليهتدى به الناس إلى الحياة الصهيونية، غير أن قلة من الجماهير غير المثقفة انتقت مختارات من الأوامر جاءت بها الشريعة كنبراس لسبيلهم.

<<  <   >  >>