للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المجيء والإتيان والنزول، وغيرُ جائز تكلُّف القول في ذلك لأحد إلا بخبر من الله جل جلاله، أو من رسول مرسل.

وقال آخرون: معنى قوله: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله: هل ينظرون إلا أن يأتيهم أمرُ الله (١).

وهذه الأقوال ذكرها ابن عاشور في تفسيره وذكر قول السلف ولكن بخلط وضعف، ومال إلى التأويل، حيث يقول: "والإتيان حضور الذات في موضع من موضع آخر سبق حصولها فيه، وأسند الإتيان إلى الله تعالى في هذه الآية على وجه الإثبات فاقتضى ظاهره اتصاف الله تعالى به، ولما كان الإتيان يستلزم التنقل أو التمدد ليكون حالاً في مكان بعد أن لم يكن به حتى يصح الإتيان، وكان ذلك يستلزم التنقل والجسم والله منزه عنه، تعين صرف اللفظ عن ظاهره بالدليل العقلي، فإن كان الكلام خبراً أو تهكماً فلا حاجة للتأويل، لأن اعتقادهم ذلك مدفوع بالأدلة وإن كان الكلام وعيداً من الله لزم التأويل، لأن الله تعالى موجود في نفس الأمر لكنه لا يتصف بما هو من صفات الحوادث كالتنقل والتمدد لما علمت، فلا بد من تأويل هذا عندنا على أصل الأشعري في تأويل المتشابه " (٢).

وبقول ابن عاشور قال ابن عطية من قبله حيث تأول إتيان الله تعالى بحكمه وأمره ونهيه وعقابه، وكذلك الرازي فقد أخذ بمذهب المعطلة والمؤولة، ولم يتورع في إنكار هذه الصفة فحسب بل حكى إجماع العقلاء على نفيها.


(١) انظر جامع البيان / الطبري، ج ٢، ص ٣٩٨.
(٢) التحرير والتنوير، ج ٢، ص ٢٨٤.

<<  <   >  >>