السلام ينطق به، من ذلك: قوله لبعض الصحابة وقد قال له يا رسول الله! أين أجدك في القيامة؟ فقال:«اطلبني عند الحوض فإن لم تجدني فعند الميزان»، ولو لم يكن الميزان مرئياً محسوساً لما أحاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الطلب عنده.
وجهة أخرى: أن النظر في الميزان والوزن والثقل والخفة المقترنات بالحساب لا يفسد شيء منه ولا تختل صحته، وإذا كان الأمر كذلك فلم نخرج من حقيقة اللفظ إلى مجازه دون علة؟ .
وجهة ثالثة: وهي أن القول في الميزان هو من عقائد الشرع الذي لم يعرف إلا سمعاً، وإن فتحنا فيه باب المجاز غمرتنا أقوال الملحدة والزنادقة في أن الميزان والصراط والجنة والنار والحشر ونحو ذلك إنما هي ألفاظ يراد بها غير الظاهر. ... فينبغي أن يجري في هذه الألفاظ إلى حملها على حقائقها، وأما «الثقل» و «الخفة» فإن الآثار تظاهرت بأن صحائف الحسنات والسيئات توضع في كفتي الميزان فيحدث الله في الجهة التي يريد ثقلاً وخفة على نحو إحداثه ذلك في جسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وقت نزول الوحي عليه " (١).
أضف إلى ذلك أن هذا الترجيح تعضده قاعدة:(وجوب حمل نصوص الوحي على الحقيقة) , وذلك أنه إذا اختلف المفسرون في تفسير آية من كتاب الله بين الحقيقة والمجاز فإن حملها على الحقيقة هو الصواب.
وعلى القول بجواز وقوع المجاز في القرآن فالذي يجب الجزم به واعتقاده ولا تجوز مخالفته، أن آيات الصفات ومسائل الغيب كالجنة والنار والميزان والصراط ونحوها، وأخبار الأمم البائدة وكل من ادعى فيها المجاز فهو في دعواه