للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك يرى ابن عاشور في هذه الآية المراد بالسبب المعنى المجازي وذلك بناءً على قرينة ترجح ذلك وهذا قوله: " والسبب حقيقته الحبل، وأطلق هنا على ما يتوسل به إلى الشيء من علم أو مقدرة أو آلات التسخير على وجه الاستعارة , كقوله تعالى:

{وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} (١).

وكُلّ شَيْءٍ مستعمل هنا في الأشياء الكثيرة كما تقدم في نظائره غير مرة منها قوله تعالى: {وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى} (٢) أي آتيناه وسائل أشياء عظيمة كثيرة.

والمراد هنا معنى مجازي وهو الطريق، لأن الطريق وسيلة إلى المكان المقصود " (٣).

ثم ذكر ابن عاشور القرينة التي تدل أنه مجازي فقال: " وقرينة المجاز ذكر الإتباع والبلوغ في قوله: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا (٨٥) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ} (٤).

والدليل على إرادة غير معنى السبب في قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} اسم السبب دون إضماره، لأنه لما أريد به معنى غير ما أُريد بالأول حسن إظهار اسمه تنبيهاً على اختلاف المعنيين، أي فاتبع طريقاً للسير


(١) سورة البقرة، الآية (١٦٦).
(٢) سورة يونس، الآية (٩٧).
(٣) التحرير والتنوير، ج ٨، ص ٢٤.
(٤) سورة الكهف، الآية (٨٥ - ٨٦).

<<  <   >  >>