للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الآية (١). أما القرطبي فقد ساق تلك الأقوال ولم يرجح (٢).

حجة أصحاب القول الأول الذين يرون أن معنى منفكين أي منتهين عن كفرهم:

قال الرازي: " ثم إنه تعالى لم يذكر أنهم منفكون عن ماذا لكنه معلوم، إذ المراد هو الكفر الذي كانوا عليه، فصار التقدير: لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة التي هي الرسول" (٣).

حجة أصحاب القول الثاني الذين يرون أن معنى منفكين أي تاركين صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - في كتابهم:

هذا القول رجحه الطبري، ولم يذكر وجهاً لترجيحه.

قال القشيري: " وفيه بعد؛ لأن الظاهر من قوله: {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ} أن هذا الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -. فيبعد أن يقال: لم يكن الذين كفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - منفكين حتى يأتيهم محمد، إلا أن يقال: أراد: لم يكن الذين كفروا الآن بمحمد - وإن كانوا من قبل معظمين له، بمنتهين عن هذا الكفر، إلى أن يبعث الله محمدا إليهم ويبين لهم الآيات، فحينئذ يؤمن قوم " (٤).

وكذلك ردّه شيخ الإسلام بقوله: " فليس في اللفظ ما يدل على أن الانفكاك عن أمر محمد خاصة، وأيضاً هذا المعنى مذكور في قوله: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ


(١) انظر المحرر الوجيز / ابن عطية، ج، ص، والبحر المحيط / أبو حيان، ج ٨، ص ٤٩٥، وأضواء البيان / الشنقيطي، ص ١٩٨٢.
(٢) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ٢٠، ص ١٤٠ - ١٤١.
(٣) التفسير الكبير / الرازي، ج ١١، ص ٢٣٧.
(٤) لم أقف على هذه العبارة في لطائف الإشارات ونقلته من تفسير القرطبي، ج ٢٠، ص ١٤١.

<<  <   >  >>