للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باختيار أنفسهم على هواهم يفعلون ما يهوونه ولا حجر عليهم، كما أن المنفك لا حجر عليه .. إلى أن قال: فالمقصود أنهم لم يكونوا متروكين لا يؤمرون ولا ينهون، ولا ترسل إليهم رسل، والمعنى: أن الله لا يخليهم ولا يتركهم، فهو لا يفكهم حتى يبعث إليهم رسولاً كقوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} (١) أي: لا يؤمر ولا ينهى، يعني: أيظن أن هذا يكون؟ ! فهذا ما لا يكون البتة، بل لابد أن يؤمر وينهى. وقريب من ذلك قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤) أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (٥)} (٢) أنعرض عنكم بسبب إشراككم؟ ! فهذا استفهام إنكاري بمعنى: لأجل إشراككم نترك إنزال الذكر، ونعرض عن إرسال الرسل؟ ! فهذا ما لا يكون. فتبين من ذلك كله أن الأصح في تفسير قوله تعالى: ((مُنفَكِّينَ)) أي: متروكين، وبه يزول الإشكال الذي أورده الفخر الرازي، ويستقيم السياق، ويتضح المعنى (٣).


(١) سورة القيامة، الآية (٣٦).
(٢) سورة الزخرف، الآية (٤).
(٣) انظر مجموع الفتاوى / شيخ الإسلام ابن تيمية، ج ١٦، ص ٤٨٢ - ٤٨٩.
ونظائر هذه الأمثلة في تفسيره هي الآتي:

١ - ... ما جاء في قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ=

<<  <   >  >>