للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} (١).

فمما سبق تبيّن لنا أن ابن عاشور قد رجّح هذا القول بناء على القاعدة وهي: (تقديم المجاز على الحقيقة إذا وجدت القرينة) حيث قال: "فقد تعين أن هذا الكلام ليس وارداً على ما يتبادر من ظاهره في مفرداته أو تركيبه، فوجب أن يُصرف الخبر إلى أنه مستعمل في معنى مجازي للتركيب، وإما بصرف بعض مفرداته التي اشتمل عليها التركيب عن ظاهر معناها إلى معنى مجاز أو كناية " (٢).

كما أنه عضد قوله بتأييد الآية القرآنية له، وذلك ضمن القاعدة التي تقول: (القول الذي تؤيده آيات قرآنية مقدم على غيره).

القول الراجح:

ولكن الذي يظهر لي بعد الدراسة والنظر أن القول الراجح هو القول الثالث وهو الذي رجحه ابن عطية، وذكر الشنقيطي أنه يحل الإشكال الوارد على الآية، كما تقدم.

وكذلك ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية حيث ناقش تلك الأقوال وردّ بعضها ثم قال: فقوله: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} (٣) أي: لم يكونوا متروكين


(١) سورة البقرة، الآية (٨٩).
(٢) التحرير والتنوير، ج ١٥، ص ٤٧٠.
(٣) سورة البينة، الآية (١).

<<  <   >  >>