للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يقوي هذا القول ويعضده القاعدة الترجيحية: (إذا ثبت الحديث وكان نصا في تفسير الآية فلا يُصار إلى غيره)، وقد ثبت هذا المعنى في حديث نافع بن الأزرق ونجدة بن عويمر وسؤالهم ابن عباس وفيه: فأخبرني عن قول الله عز وجل: وفومها، ما الفوم؟ قال: الحنطة. قال: وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - قال: نعم , أما سمعت قول أبي ذؤيب الهذلي:

قد كنت تحسبني كأغنى وافد ... قدم المدينة عن زراعة فوم " (١).

كما يعضد هذا القول ويرجحه قاعدة: (يجب حمل كلام الله تعالى على المعروف من كلام العرب).

قال الفراء: " فإن الفوم فيما ذكر لغة قديمة , وهي الحنطة والخبز جميعاً، قال بعضهم: سمعنا العرب من أهل هذه اللغة يقولون: فوموا لنا بالتشديد لا غير " (٢).

وقال ابن منظور: " الفُومُ الزَّرع أو الحِنْطة وأَزْدُ الشَّراة يُسمون السُّنْبُل فُوماً الواحدة فُومة، والفُوم الخبز أيضاً يقال: فَوِّموا لنا أي اخْتَبِزُوا. وقال الفراء: هي لغة قديمة. وقيل: الفُوم لغة في الثُّوم. قال ابن سيده: أُراه على البدل. قال ابن جني: ذهب بعض أَهل التفسير في قوله عز وجل "وفُومِها وعَدَسِها "إلى أنه أراد الثُّوم فالفاء على هذا عنده بدل من الثاء قال والصواب عندنا أن الفُوم الحِنطة وما يُخْتَبَز من الحبُوب يقال فَوَّمْت الخبز واختبزته وليست الفاء على


(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج ١٠، ص ٢٥٣، ح- ١٠٥٩٧.
(٢) معاني القرآن / الفراء، ج ١، ص ٤١.

<<  <   >  >>