للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكى الله عنهم: {قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} (١).

ويجوز أن تكون: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ} من خطاب الله تعالى لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، فتكون الجملة معترضة في أثناء قصة بني إسرائيل بمناسبة قوله: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} (٢) تعريضاً بأن حال مشركي العرب كحال أولئك الفاسقين، وتصريحاً بسبب إدامتهم العناد والإعراض عن الإيمان، فتكون الجملة مستأنفة استئنافاً ابتدائياً، ثم ذكر ابن عاشور أن الاحتمال الأول ورد في التوراة في الإصحاح الرابع عشر من سفر العدد (٣).

وابن عاشور وبالرغم من أنه أحيانا يستشهد بما جاء في التوراة ويعضد قوله بها إلا أنه لم يلزم نفسه بما جاء فيها إذا خلت الآية من مستند، وإنما قد يعضد قولا انتصر له السياق وغيره من الأمور والقواعد التي اعتمدها كما في هذه الآية حيث أنه ذكر بعد ذلك ما يقوَّى القول الآخر لأن السياق يدل عليه وفي ذلك يقول: ". والوصاف التي تضمنتها الصلات في الآية تنطبق على مشركي أهل مكة أتم الانطباق " (٤).

ورجّح الطبري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير، والشوكاني، والقاسمي أن الخطاب في الآية عام لكل متكبر (٥).


(١) سورة المائدة، الآية (٢٢).
(٢) سورة الأعراف، الآية (١٤٥).
(٣) انظر التحرير والتنوير، ج ٥، ص ١٠٣.
(٤) التحرير والتنوير، ج ٥، ص ١٠٤.
(٥) انظر جامع البيان / الطبري، ج ٩، ص ٧٤، والمحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٢، ص ٤٥٤، والجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ٧، ص ٢٧٠، والبحر المحيط / أبو حيان، ج ٤، ص ٣٨٨، وتفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ٦، ص ٣٩٣، وفتح القدير / الشوكاني، ج ٢، ص ٢٤٥، ومحاسن التأويل / القاسمي، ج ٥، ص ١٨٥.

<<  <   >  >>