للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين حقَّت عليهم كلمة الله أنهم لا يؤمنون، فهم عن فهم جميع آياته والاعتبار والادّكار بها مصروفون، لأنهم لو وفِّقوا لفهم بعض ذلك فهُدوا للاعتبار به، اتعظوا وأنابوا إلى الحق، وذلك غير كائن منهم، لأنه جلّ ثناؤه قال: {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا} (١) فلا تبديل لكلمات الله " (٢).

القول الراجح:

إن الخطاب في الآية عام لكل متكبر فيدخل فيه جميع المعاني المذكورة.

ومما يؤيد هذا القول ويقويه قاعدة: (إذا احتمل اللفظ معان عدة ولم يمتنع إرادة الجميع حمل عليها).

قال محمد رشيد رضا: "والمعنى سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق من قومك أيها الرسول، ومن غيرهم في كل زمان ومكان كما صرفت فرعون وملأه عن آياتي التي آتيتها رسولي موسى .. وهذا بيان لسنته تعالى في تكذيب البشر لدعاة الحق والخير من الرسل وورثتهم وسببه الأول التكبر؛ فإن من شأن الكبر أن يصرف أهله عن النظر والاستدلال على الحق والهدى وتلك حال الملوك والرؤساء والزعماء الضالين " (٣).

وقال الدكتور وهبة الزحيلي: " الصرف هو المنع والصد، والآيات هنا: كل كتاب منزل من الله تعالى يبين في هذه الآيات سبب الطغيان والكفر والظلم


(١) سورة الأنعام، الآية (٢٥).
(٢) جامع البيان / الطبري، ج ٩، ص ٧٤.
(٣) تفسير المنار / محمد رشيد رضا، ج ٩، ص ١٩٦.

<<  <   >  >>