للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قِبْلَةً} قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم.

وكذا قال مجاهد، وأبو مالك، والربيع بن أنس، والضحاك، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأبوه زيد بن أسلم: وكأن هذا -والله أعلم -لما اشتد بهم البلاء من قبَل فرعون وقومه، وضيقوا عليهم، أمروا بكثرة الصلاة، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (١)

وقال مجاهد: {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} قال: لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة، أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة، يصلون فيها سرًا. وكذا قال قتادة، والضحاك.

وقال سعيد بن جبير: {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} أي: يقابل بعضها بعضا " (٢).

ورجّح ابن عاشور أن المقصود من هذه البيوت بيوت من خيام وغيرها غير بيوتهم التي يسكنوها، مستندا على ذلك بما جاء في التوراة، وهذا قوله: " وهذا القول هو المناسب للتبوؤ لأن التبوؤ السكنى، والمناسب أيضاً لإطلاق البيوت، وكونها بمصر فالذي يظهر بناء عليه أن هذه البيوت خيام أو أخصاص أمرهم الله باتخاذها تهيئة للارتحال وهي غير ديارهم التي كانوا يسكنونها في (جاسان) قرب مدينة فرعون وقد جاء في التوراة ما يشهد بهذا التأويل في الفصل الرابع من سفر


(١) سورة البقرة، الآية (١٥٦).
(٢) تفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ٧، ص ٣٩٢.

<<  <   >  >>