للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة أصحاب القول الأول الذين يرون أن المراد بالبيوت بيوت السكنى أن يجعلوها مساجد:

حجتهم في ذلك أن المعنى الغالب في اللغة على البيوت ما كان للسكنى. كما أن ظاهر اللفظ يدل على ذلك , ولا يجوز صرف اللفظ عن ظاهره.

قال الطبري: " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، القول الذي قدمنا بيانه، وذلك أن الأغلب من معاني "البيوت" وإن كانت المساجد بيوتًا: البيوت المسكونة، إذا ذكرت باسمها المطلق دون المساجد. لأن "المساجد" لها اسم هي به معروفة، خاصٌّ لها، وذلك "المساجد". فأمّا "البيوت" المطلقة بغير وصلها بشيء، ولا إضافتها إلى شيء، فالبيوت المسكونة. وكذلك "القبلة" الأغلب من استعمال الناس إيّاها في قبل المساجد وللصلوات.

فإذا كان ذلك كذلك، وكان غير جائز توجيه معاني كلام الله إلا إلى الأغلب من وجوهها المستعمل بين أهل اللسان الذي نزل به، دون الخفيّ المجهول، ما لم تأت دلالة تدل على غير ذلك، ولم يكن على قوله: {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً}، دلالةٌ تقطع العذرَ بأن معناه غير الظاهر المستعمل في كلام العرب لم يجز لنا توجيهه إلى غير الظاهر " (١).

وقال ابن كثير: " لما اشتد بهم البلاء من قبَل فرعون وقومه، وضيقوا عليهم، أمروا بكثرة الصلاة، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا


(١) جامع البيان / الطبري، ج ١١، ص ١٧٩.

<<  <   >  >>