للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها بعد تغليظ المحنة وتشديد التكليف وهذا الذي ذكرنا في أمر النسخ دلّ أن الزيادة في النص بعد استقرار حكمه يوجب نسخه؛ لأن جميع ما ذكرنا من الأوامر الواردة بعد مراجعة القوم إنما كان زيادة في نص كان قد استقر حكمه فأوجب نسخه " (١).

وقال القرطبي: " قوله تعالى: {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} في هذا دليل على جواز النسخ قبل وقت الفعل، لأنه لما أمر ببقرة اقتضى أي بقرة كانت، فلما زاد في الصفة نسخ الحكم الأول بغيره، كما لو قال: في ثلاثين من الإبل بنت مخاض، ثم نسخه بابنة لبون أو حقة , وكذلك ها هنا لما عين الصفة صار ذلك نسخا للحكم المتقدم " (٢).

حجة أصحاب القول الثاني الذين يرون أن الآية محكمة:

حجتهم في ذلك أن الآية فيها من باب الزيادة على النص، والزيادة على النص ليس بنسخ كما تقرر ذلك.

قال النحاس: " وأقوال العلماء أن البيان يجوز أن يتأخر فخالفهم قائل في هذا وجعله نسخا، ولو جاز أن يقال لهذا نسخ لجاز أن يقال في قول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (٣) ثم بين ما هي فلا يقول أحد من الأمة إن هذا نسخ " (٤).


(١) أحكام القرآن / الجصاص، ج ١، ص ٤١.
(٢) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ١، ص ٥٥٢ - ٥٥٣.
(٣) سورة البقرة، الآية (٦٧).
(٤) الناسخ والمنسوخ / النحاس، ج ١، ص ٦٤١.

<<  <   >  >>