للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا ناسخاً ولا مخصصاً " (١).

القول الراجح:

إن الآية محكمة غير منسوخة , كما قررّ ذلك ابن عاشور في تفسيره بناءً على القاعدة، ومما يعضد هذا الترجيح قاعدة أخرى هي: (إن لكل آية مقامها الذي يجري عليه استعمال كلماتها، فلا تعارض بين الآيات).

وفي ذلك يقول القاسمي بعد أن أبطل القول بأن الآية منسوخة قال: "وهذا الزعم لم يصب المحز، فإن كلا الآيتين سيق في معنى خاص به، فلا يتصور أن يكون في هذه الجملة طلب مالا يستطاع من التقوى، بل المراد منها دوام الإنابة له تعالى وخشيته وعرفان جلاله وعظمته قلباً وقالباً، وهذا من المستطاع لكل منيب " (٢).

كما ردّ عدد من العلماء هذا النسخ , ومنهم أبو جعفر النحاس حيث يقول: " معنى قول الأولين: نسخت آية التغابن هذه الآية أي نزلت بنسختها وهما واحد. وإلا فهذا لا يجوز أن ينسخ؛ لأن الناسخ هو المخالف للمنسوخ من جميع جهاته، الرافع له، المزيل حكمه " (٣).

وذكر الرازي أيضا قول المحققين في ردّ القول بالنسخ وإبطاله، وساق حجتهم من وجوه فقال: " الأول: ما روي عن معاذ أنه - رضي الله عنه - قال له: «هل تدري ما حق الله على العباد؟ قال الله ورسوله أعلم، قال: هو أن يعبدوه ولا


(١) زاد المسير / ابن الجوزي، ج ١، ص ٣١١.
(٢) محاسن التأويل / القاسمي، ج ٢، ص ٤١٨.
(٣) الناسخ والمنسوخ / النحاس، ص ١٩٢.

<<  <   >  >>