للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - مثال قتل العمد:

{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (١).

اختلف المفسرون في هذه الآية، فمنهم من ذهب إلى أنها منسوخة بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (٢).، وجمهور المفسرين على أنها محكمة، وقد ساق هذا الخلاف ابن عاشور في تفسيره، وأشار إلى سببه فقال: " هذا مقام قد اضطربت فيه كلمات المفسّرين كما علمت، وملاكه أنّ ما ذكره الله هنا في وعيد قاتل النفس قد تجاوز فيه الحدّ المألوف من الإغلاظ، فرأى بعض السلف أنّ ذلك موجب لحمل الوعيد في الآية على ظاهره، دون تأويل، لشدّة تأكيده تأكيداً يمنع من حمل الخلود على المجاز، فيُثبت للقاتل الخلودَ حقيقة، بخلاف بقية آي الوعيد، وكأنّ هذا المعنى هو الذي جعلهم يخوضون في اعتبار: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} (٣) إلى قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ} (٤) لأنّ قوله: ومن يفعل ذلك إمّا أن يراد به مجموع الذنوب المذكورة، فإذا كان فاعل مجموعها تنفعه التوبة ففاعل بعضها وهو القتل عمداً أجدر، وإمّا أن يراد فاعل


(١) سورة النساء، الآية (٩٣).
(٢) سورة النساء، الآية (١١٦).
(٣) سورة الفرقان، الآية (٦٨).
(٤) سورة الفرقان، الآية (٧٠).

<<  <   >  >>