للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحدة منها فالقتل عمداً مما عُدَّ معها. ولذا قال ابن عباس - رضي الله عنه - لسعيد بن جبير: إنّ آية النساء آخر آية نزلت وما نسخها شيء. ومن العجب أن يقال كلام مثل هذا، ثم أن يُطال وتتناقله الناس وتمرّ عليه القرون، في حين لا تعارض بين هذه الآية التي هي وعيد لقاتل النفس وبين آيات قبول التوبة.

وذهب فريق إلى الجواب بأنّها نُسخت بآية: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، بناء على أنّ عموم (من يشاء) نَسَخ خصوصَ القتل. وذهب فريق إلى الجواب بأنّ الآية نزلت في مِقْيَس بن صُبابة (١)، وهو كافر فالخلود لأجل الكفر " (٢).

وممن ذهب إلى أن هذه الآية محكمة غير منسوخة بناء على أنها من قبيل العام: الطبري، وابن عطية، والرازي، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير، والشوكاني والقاسمي، والشنقيطي , وكذلك الألوسي رجّح أن الآية محكمة بناء على أنها خبر والخبر لا يجوز نسخه (٣).


(١) هو مقيس بن صبابة بن حزن بن يسار الكناني القرشى: شاعر، اشتهر في الجاهلية , عداده في أخواله بني سهم، كانت إقامته بمكة. وهو ممن حرم على نفسه الخمر في الجاهلية، وله في ذلك أبيات منها: (فلا والله أشربها حياتي طوال الدهر ما طلع النجوم) وشهد بدرا مع المشركين، ونحر على مائها تسع ذبائح. أسلم ثم ارتد ولحق بقريش، وقال شعرا في ذلك، فأهدر النبي - صلى الله عليه وسلم - دمه، فقتله نميلة بن عبد الله الليثي يوم فتح مكة. (الأعلام / الزركلي، ج ٧، ص ٢٨٣).
(٢) التحرير والتنوير، ج ٣، ص ١٦٥.
(٣) انظر جامع البيان/ الطبري، ج ٥، ص ٢٦٠، والمحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٢، ص ٩٥، والتفسير الكبير / الرازي، ج ٤، ص ١٨٤، والجامع لأحكام القرآن/ القرطبي، ج ٥، ص ٣٣٣، والبحر المحيط / أبو حيان، ج ٣، ص ٣٣٨، وتفسير القرآن العظيم ابن كثير، ج ٤، ص ١٩٢، وفتح القدير / الشوكاني، ج ١، ص ٤٩٩، وروح المعاني / الألوسي، ج ٣، ص ١١٢، ومحاسن التأويل / القاسمي، ج ٣، ص ٢٧٤، ودفع إيهام الاضطراب / الشنقيطي، ص ٦٨.

<<  <   >  >>