للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القرطبي: " وهذا مذهب أهل السنة وهو الصحيح، وإن هذه الآية مخصوصة، ودليل التخصيص آيات وأخبار، وقد أجمعوا على أن الآية نزلت في مقيس بن صبابة، وذلك أنه كان قد أسلم هو وأخوه هشام بن صبابة، فوجد هشاما قتيلا في بني النجار فأخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكتب له إليهم أن يدفعوا إليه قاتل أخيه وأرسل معه رجلا من بني فهر، فقال بنو النجار: والله ما نعلم له قاتلا ولكنا نؤدي الدية، فأعطوه مائة من الإبل، ثم انصرفا راجعين إلى المدينة فعدا مقيس على الفهري فقتله بأخيه وأخذ الإبل وانصرف إلى مكة كافرا مرتدا، وجعل ينشد:

قتلت به فهرا وحملت عقله ... سراة بني النجار أرباب فارع

حللت به وتري وأدركت ثورتي ... وكنت إلى الأوثان أول راجع

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا أؤمنه في حل ولا حرم) , وأمر بقتله يوم فتح مكة وهو متعلق بالكعبة.

وإذا ثبت هذا بنقل أهل التفسير وعلماء الدين فلا ينبغي أن يحمل على المسلمين، ثم ليس الأخذ بظاهر الآية بأولى من الأخذ بظاهر قوله: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} (١) {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} والأخذ بالظاهرين تناقض فلابد من التخصيص " (٢).


(١) سورة الشورى، الآية (٢٥).
(٢) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ٥، ص ٣٣٣.

<<  <   >  >>