للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الراجح:

إن الآية محكمة وليست منسوخة كما قرر ذلك ابن عاشور وعدد من العلماء , وهي من العام الذي خصص.

وقال الطبري مرجحاً أن الآية محكمة: " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: معناه: ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا، فجزاؤه إن جازاه جهنم خالدًا فيها، ولكنه يعفو ويتفضَّل على أهل الإيمان به وبرسوله، فلا يجازيهم بالخلود فيها، ولكنه عز ذكره إما أن يعفو بفضله فلا يدخله النار، وإما أن يدخله إيّاها ثم يخرجه منها بفضل رحمته، لما سلف من وعده عباده المؤمنين بقوله: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (١). فإن ظن ظان أن القاتل إن وجب أن يكون داخلا في هذه الآية، فقد يجب أن يكون المشرك داخلا فيه، لأن الشرك من الذنوب، فإن الله عز ذكرُه قد أخبر أنه غير غافر الشرك لأحد بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} والقتل دون الشرك " (٢).

وأما قول من قال أنها مخصصة في الكفار فقد ردّه ابن عاشور فقال: " وهو جواب مبني على غلط لأنّ لفظ الآية عامّ إذ هو بصيغة الشرط فتعيّن أنّ


(١) سورة الزمر، الآية (٥٣).
(٢) جامع البيان / الطبري، ج ٥، ص ٢٦٠.

<<  <   >  >>