للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«من» شرطية وهي من صيغ العموم فلا تحمل على شخص معيّن؛ إلاّ عند من يرى أنّ سبب العامّ يخصّصه بسببه لا غيرُ، وهذا لا ينبغي الالتفات إليه. وهذه كلّها ملاجئ لا حاجة إليها، لأنّ آيات التوبة ناهضة مجمع عليها متظاهرة ظواهرها، حتّى بلغت حدّ النصّ المقطوع به، فيحمل عليها آيات وعيد الذنوب كلّها حتّى الكفر. على أنّ تأكيد الوعيد في الآية إنّما يرفع احتمال المجاز في كونه وعيداً لا في تعيين المتوعّد به وهو الخلود , إذ المؤكّدات هنا مختلفة المعاني فلا يصحّ أن يعتبر أحدها مؤكّداً لمدلول الآخر بل إنّما أكَّدت الغرض. وهو الوعيد، لا أنواعه. وهذا هو الجواب القاطع لهاته الحيرة , وهو الذي يتعيّن اللجوء إليه، والتعويل عليه" (١).

كما ذكر الرازي أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وأضاف وجوهاً تمنع من تخصيص هذه الآية بالكافر، وهذا قوله: " وبيانه من وجوه: الأول: أنه تعالى أمر المؤمنين بالمجاهدة مع الكفار ثم علمهم ما يحتاجون إليه عند اشتغالهم بالجهاد، فابتدأ بقوله: ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ فذكر في هذه الآية ثلاث كفارات: كفارة قتل المسلم في دار الإسلام، وكفارة قتل المسلم عند سكونه مع أهل الحرب، وكفارة قتل المسلم عند سكونه مع أهل الذمة وأهل العهد، ثم ذكر عقيبه حكم قتل العمد مقرونا بالوعيد، فلما كان بيان حكم قتل الخطأ بيانا لحكم اختص بالمسلمين كان بيان حكم القتل العمد الذي هو كالضد لقتل الخطأ، وجب أن يكون أيضا مختصا بالمؤمنين، فإن لم يختص بهم فلا أقل من دخولهم فيه. الثاني: أنه تعالى قال بعد هذه الآية:


(١) التحرير والتنوير، ج ٣، ص ١٦٥.

<<  <   >  >>