للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} (١) وأجمع المفسرون على أن هذه الآيات إنما نزلت في حق جماعة من المسلمين لقوا قوما فأسلموا فقتلوهم وزعموا أنهم إنما أسلموا من الخوف، وعلى هذا التقدير: فهذه الآية وردت في نهي المؤمنين عن قتل الذين يظهرون الإيمان؛ وهذا أيضا يقتضي أن يكون قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} نازلا في نهي المؤمنين عن قتل المؤمنين حتى يحصل التناسب، فثبت بما ذكرنا أن ما قبل هذه الآية وما بعدها يمنع من كونها مخصوصة بالكفار " (٢).

وقال الشنقيطي: " الذي يظهر أن القاتل عمْداً مؤمن عاص له توبة، كما عليه جمهور علماء الأمة، وهو صريح قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ}، وادعاء تخصيصها بالكفار لا دليل عليه، ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (٣) " (٤).

ومما يقوي هذا الترجيح أيضاً قاعدة (إذا ثبت الحديث وكان في في معنى أحد الأقوال فهو مرجح له) , وقد توافرت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه: " يخرج من


(١) سورة النساء، الآية (٩٤).
(٢) التفسير الكبير / الرازي، ج ٤، ص ١٨٣.
(٣) سورة الزمر، الآية (٥٣).
(٤) انظر دفع إيهام الاضطراب / الشنقيطي، ص ٦٨.

<<  <   >  >>