للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَآتُوا} مبين في الإعطاء. وقوله: {حَقَّهُ} مفسر في المعطى نص فيه مجمل في مقداره حتى بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بنص أو سانية نصف العشر " ويقول - صلى الله عليه وسلم -: " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " فاقتضت الآية وجوب الحق فيما أنعم الله به من بركات الأرض، وبين النبي عليه السلام مقدار ذلك الحق كما بين كيفية الصلاة والصيام " وأعداد" الكل، فإذ قد بين النبي عليه السلام ذلك الحق وعيّنه فلا وجه لذكر حق سواه وقد قال تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ} (١) ثم قال في موضع آخر {أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} (٢) ذلك قد علَّمناه المبين المبلغ المعلم الثابت صلوات الله عليه وسلامه، فلا يصح مع هذا أن يقال إن آية الزكاة نسختها وهي الزكاة بعينها ولا معارضة بينهما فإنه قد قال تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} (٣) وهي في أجناس من الأموال، وبيّن في هذه الآية بعض أجناس الأموال الزكاتية، فاتفقتا واطردتا وانتظمتا ولم تتعارضا، وكما لا يصح أن يقال إنه نسخها إيجاب العشر لأن ذلك بيان للمقدار، فكيف يكون بيان مقدار الشيء نسخاً له وهذا بين لمن تأمله والله أعلم " (٤).


(١) سورة الذاريات، الآية (١٩).
(٢) سورة المعارج، الآية (٢٤).
(٣) سورة البقرة، الآية (٤٣).
(٤) الناسخ والمنسوخ / ابن العربي، ص ١٢٧.

<<  <   >  >>