للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عاشور: " قرأ الجمهور: (تَلْوُوا) بلام ساكنة وواوين بعدها، أولاهما مضمومة فهو مضارع لَوَى، واللّي: الفَتل والثَّنْي. وتفرّعت من هذا المعنى الحقيقي معان شاعت فساوت الحقيقة، منها: عدول عن جانب وإقبالٌ على جانب آخر , فإذا عُدّي بعن فهو انصراف عن المجرور بعن، وإذا عديّ بإلى فهو انصراف عن جانب كان فيه، وإقبالٌ على المجرور بعلى، قال تعالى: {ولا تَلْوُون على أحد} (١) أي لا تعطفون على أحد.

ومن معانيه: لوى عن الأمر تثاقل، ولوى أمره عنّي أخفاه، ومنها: ليّ اللسان، أي تحريف الكلام في النطق به أو في معانيه، وتقدّم عند قوله تعالى: {يَلْوُون ألسنتهم بالكتاب} (٢)، وقولِه: {ليَّا بألسنتهم} (٣) في هذه السورة. فموقع فعل (تَلووا) هنا موقع بليغ لأنّه صالح لتقدير متعلِّقِه المحذوف مجروراً بحرف (عن) أو مجروراً بحرف (على) فيشمل معاني العدول عن الحقّ في الحكم، والعدول عن الصدق في الشهادة، أو التثاقل في تمكين المحقّ من حقّه وأداء الشهادة لطالبها، أو الميْل في أحد الخصمين في القضاء والشهادة. وأمّا الإعراض فهو الامتناع من القضاء ومن أداء الشهادة والمماطلة في الحكم مع ظهور الحقّ، وهو غير الليّ كما رأيت.

وقرأه ابن عامر، وحمزة، وخلف: (وأن تَلُوا) بلام مضمومة بعدها واو


(١) سورة آل عمران، الآية (١٥٣).
(٢) سورة آل عمران، الآية (٧٨).
(٣) سورة النساء، الآية (٤٦).

<<  <   >  >>