للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخطاب موجّه إلى الذين في قلوبهم مرض على الالتفات

والاستفهام مستعمل في التكذيب لما سيعتذرون به لانخذالهم ولذلك جيء فيه بـ (هل) الدالة على التحقيق لأنّها في الاستفهام بمنزلة (قد) في الخبر، فالمعنى: أفيتحقق إن توليتم أنكم تفسدون في الأرض وتقطعون أرحامكم وأنتم تزعمون أنكم توليتم إبقاء على أنفسكم وعلى ذوي قرابة أنسابكم على نحو قوله تعالى: {قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا} (١).

القول الراجح:

هو ما ذهب إليه ابن عاشور من أن التولي هو: الرجوع عن القتال، وهذا القول رجحه أبو حيان بقوله: "والأظهر أن ذلك خطاب للمنافقين في أمر القتال، وهو الذي سبقت الآيات فيه، أي: إن أعرضتم عن أمر الله في القتال، وأن تفسدوا في الأرض بعدم معونة أهل الإسلام " (٢).

أما القول بأن (توليتم) بمعنى توليتم أمر الأمة فهو قول بعيد ردّه ابن عاشور بقوله: " وهذا بعيد من اللفظ ,ومن النظم , وفيه تفكيك لاتصال نظم الكلام وانتقال بدون مناسبة، وتجاوز بعضهم ذلك فأخذ يدعي أنها نزلت في الحرورية ومنهم من جعلها فيما يحدث بين بني أمية وبني هاشم على عادة أهل الشيع والأهواء من تحميل كتاب الله ما لا يتحمله ومن قصر عموماته على بعض ما


(١) سورة البقرة، الآية (٢٤٦).
(٢) البحر المحيط / أبو حيان، ج ٨، ص ٨٢.

<<  <   >  >>