للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة أصحاب القول الأول الذين يقولون: إن المؤمن القاتل عمداً مخلد في النار لا تقبل توبته:

قال ابن عاشور: " رأى بعض السلف أنّ ذلك موجب لحمل الوعيد في الآية على ظاهره، دون تأويل، لشدّة تأكيده تأكيداً يمنع من حمل الخلود على المجاز، فيُثبت للقاتل الخلودَ حقيقة " (١).

واستدلوا على ذلك بما روى البخاري عن سعيد بن جبير قال: اختلف فيها أهل الكوفة، فرحلت فيها إلى ابن عباس فسألته عنها فقال: نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ... } هي آخر ما نزل وما نسخها شيء (٢).

وروى النسائي عنه قال: سألت ابن عباس هل لمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة؟ قال: لا (٣).

وروي عن زيد بن ثابت نحوه، وإن آية النساء نزلت بعد آية الفرقان بستة أشهر، وفي رواية بثمانية أشهر، ذكرهما النسائي عن زيد بن ثابت (٤).

وإلى عموم هذه الآية مع هذه الأخبار عن زيد وابن عباس ذهبت المعتزلة وقالوا: هذا مخصص عموم قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}


(١) التحرير والتنوير، ج ٣، ص ١٦٥.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب فمالكم في المنافقين فئتين .. ، ج ٤، ص ١٦٧٦ , ح- ٤٣١٤.
(٣) أخرجه النسائي في الكبرى، كتاب المحاربة، باب تعظيم الدم، ج ٢، ص ٢٨٧، ح- ٣٤٦٤.
(٤) أخرجه النسائي في الكبرى، كتاب المحاربة، باب تعظيم الدم، ج ٢، ص ٢٨٨، ح- ٣٤٦٩.

<<  <   >  >>