للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صريح قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ .. } الآية.

قال الشوكاني: " والحق أن باب التوبة لم يغلق دون كل عاص، بل هو مفتوح لكل من قصده ورام الدخول منه، وإذا كان الشرك، وهو أعظم الذنوب وأشدّها تمحوه التوبة إلى الله، ويقبل من صاحبه الخروج منه، والدخول في باب التوبة، فكيف بما دونه من المعاصي التي من جملتها القتل عمداً؟ " (١).

ومما يؤكد هذا القول القاعدة الترجيحية (إذا ثبت الحديث وكان في معنى أحد الأقوال فهو مرجح له) وقد توافرت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه: يخرج من النار من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان، وصرح تعالى بأن القاتل أخو المقتول في قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} (٢)، وقد قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} (٣)، فسماهم مؤمنين مع أن بعضهم يقتل بعضا، ومما يدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين في قصة الإسرائيلي الذي قتل مائة نفس، لأن هذه الأمة أولى بالتخفيف من بني إسرائيل لأن الله رفع عنها الآصار والأغلال التي كانت عليهم (٤).

كما يؤكد القول بأن الآية محكمة وغير متعارضة مع آيات التوبة القاعدة الترجيحية التالية (النسخ لا يقع في الأخبار) , قال القرطبي: " هذا حسن - يعني


(١) فتح القدير / الشوكاني، ج ١، ص ٤٩٩. وروح المعاني / الألوسي، ج ٣، ص ١١٣.
(٢) سورة البقرة، الآية (١٧٨).
(٣) سورة الحجرات، الآية (٩).
(٤) انظر دفع إيهام الاضطراب عن آيات كتاب الله / الشنقيطي، ص ٦٨.

<<  <   >  >>