للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النشور، وقام الناس من القبور، (فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ) أي: لا تنفع الأنساب يومئذ، ولا يرثي والد لولده، ولا يلوي عليه، قال الله تعالى: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ} (١)، أي: لا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، ولو كان عليه من الأوزار ما قد أثقل ظهره، وهو كان أعز الناس عليه في الدنيا، ما التفت إليه ولا حمل عنه وزن جناح بعوضة، قال الله تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} (٢) " (٣).

وقال القاسمي: " وجليّ أن نفي التساؤل إنما هو وقت النفخ، كما دل عليه قوله: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ}: أي وقت القيام من القبور وهول المطلع يشتغل بنفسه. وأما بعده فقد يقع التساؤل، كما قال تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} (٤) , لأن يوم القيامة يوم ممتد , ففيه مشاهد ومواقف فيقع في بعضها، وفي بعضها دهشة تمنع منه (٥).

ويقول السعدي في تفسبره لهذه الآية: " يخبر تعالى عن هول يوم القيامة، وما


(١) سورة المعارج، الآية (١٠ - ١١).
(٢) سورة عبس، الآية (٣٤ - ٣٧).
(٣) تفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ١٠، ص ١٤٨.
(٤) سورة الصافات، الآية (٢٧).
(٥) محاسن التأويل / القاسمي، ج ٧، ص ٣١٧.

<<  <   >  >>